التخطي إلى المحتوى الرئيسي
"سوف أكتب رغم كل شيء، سوف أكتب على أي حال، إنه كفاحي من أجل المحافظة على الذات" كافكا
فاطمة الشيدي
9-10-2025


أتذكر زميلا كان يقول إثر تذمري الدائم من كثرة المسئوليات في العمل؛ "الإنسان لا يعمل فعليا إلا تحت الضغط".

لا أؤمن كثيرا بهذا الأمر، ربما يعمل الإنسان فعلا تحت الضغط كحالة إنجاز ولكن هل ينتج فعلا تحت الضغط؟ وإن أنتج كيف سيكون شكل الإنتاج وجودته!!

وماذا عن الجسد والعقل، ماذا عن الصحة الجسدية والنفسية؟ ماذا عن القدرة على المواصلة والاستمرار!!!

للأسف مثل هذا الطرح جعل من الوظيفة سجنا كبيرا مفتوحا على الموت البطئ والعمل غير المتقن، سوطا جاهزا لكل روح ليسلب منها السلام والهدوء لساعات طويلة من وقت الإنسان اليومي وزمن طويل من عمره الذي يحترق في الوظيفة.

على الوظيفة أن تكون حالة من العطاء دون ضغط ومن البناء دون هدم. ومن التقدم على جميع الأصعدة النفسية والفكرية والاجتماعية دون تراجع في أحد هذه الجوانب وهو مايحدث عادة لأن الوظيفة تكون من جهة حالة استنزاف كل للإنسان، ومن جهة أخرى حالة تغطية ضرورية لحاجاته المادية يستحمل فيها كل ضغط وذل وجهد لا يراعي أي من جوانبه الأخرى.

إن تخفيف أعباء الوظيفة ومنح الموظف فرصة للراحة والتقدم الإنساني ليست رفاهية أو دلال أو حتى صناعة للفشل الوظيفي بل هي عكس ذلك تماما، إنها صناعة الجودة من جهة وصناعة وعي الإنسان من جهة أخرى، فالموظف\الإنسان الذي يجد الوقت للراحة ولتنمية وعيه وفكره وثقافته عبر التأمل والقراءة وحضور دورات وللعناية بجسده بالرياضة وكل الوسائل الأخرى يستطيع تقديم الأكثر كما وكيفا في عطائه الوظيفي.

إن مراعاة البعد الإنساني في الوظيفة هو أمر هام للإنسان والمؤسسة والمجتمع لأنه يخلق إنسانا ناضجا وهادئا للمجتمع، وواعيا في ذاته وعطائه للمؤسسة بل ويتعامل معها كبيت ثان وليس كحالة تستحق الهروب متى ما سنحت الفرصة لذلك.

تعليقات