فاطمة الشيدي
13_10_2025
شرقية عُمان
تتبع الأمكنة يشبه إلى حد ما قراءة الكتب العظيمة، فقراءة واحدة لاتكفي فأنت لا تشبع ولا ترتوي من القراءة الأولى ففي كل قراءة دهشة وجمال ومعنى جديد يضيف لروحك بعدا حديدا ومعنى أكثر انفتاحا ودهشة.
وفي عُمان أي الاتجهات أخذت وقعت في شراك السحر، السحر الذي ليس مدنيّة وأبراجا بل الطبيعة الساحرة التي تأخذك من روحك تماما، تجعلك تتعالق مع المكان كأنه الأزل، تجعلك تصغي للطبيعة كأنها الأم الأولى والجمال الخالد.
شرّقنا هذه المرة كما مرات سابقة كثيرة، أخذنا الحنين للماء لها مرات ومرات، فسقطت قلوبنا في "هوية نجم" رأينا الماء الحافر في عمق الأرض بحيرة رائعة كمعجزة ربانية مدهشة، استفاد منها القائمون على المكان فكانت بؤرة المنتزه الذي أقيم حولها كان السياح يسبحون بالتذاذ الدهشة والغرابة ونحن مثلهم، الماء العذب المتدفق من روح الأرض ودفئها وعمقها كحليب الأزل الكوني!
ومنها اتجهنا نحو وادي شاب.. الوادي الذي لايكبر، يشتعل جمالا كنهر يستقبل المراكب ليأخذ الناس نحو روح المكان وجنانه القريب، ويستلذ جسد الماء العبور الشاق له نحو البهجة والجمال، ولكنه في طفولته تلك ينتظر يد البشر لتهب سحره طاقات أكثر حيوية وجمالا فتواضعه الجم لا يغري إلا السياح الذين يبحثون عن الغرابة والطبيعة البكر في توهجها الأول.
ومنها انطلقنا إلى صور (رأس الحد) لتتبع خطا السلاحف العمانية التي تعبر المحيطات في رأس الجنز حيث البيض والولادة، ثم تذهب للبحر وتسافر لأقاصي المعمورة ثم تعود لمكانها في رحلة غرائبية ساحرة.
أما شاطئ صور بواجهته الجديدة (واجهة الشاطئ) فهو الجمال الأنيق والحديث الذي أخذه البحر في أحضانه وأسرف في دلاله ليدخل البهجة والجمال في روح الإنسان المعاصر بما يلذ لها من أماكن للتأمل والإصغاء وشرب القهوة والدردشة الحميمة في ليالي الشتاء المحملة بالشجن والعذوبة.
وأخير تركنا الطريق يأخذنا للأشخرة سيدة البحر وصديقة طيوره والهواء الذي يسرح شعر الغيم بحنان طوال العام، الأشخرة الساحرة بجوها والتي تنتظر الكثير من صناعة السباحة لتأخذ بيدها نحو كمال الدهشة.
تعليقات