فاطمة الشيدي
4_9_2025
أحلم الآن أن أذهب إلى غزة، أن أكسر الحصار بقلبي المنتفخ كشراع وبصوتي الذي يحمل خشوع الأنبياء وصرخة مجنون حنون، أن أكون مع أسطول الصمود بحارا أسمر صارما يشق عباب الماء بشراعه المزيّن بعلم فلسطين، وبساعديه القويين، بحار عربي يغترف ملح المروءة من عين نسر أو غراب بحري مطوق بالبياض كالغربان التي نشأتُ في كنفها، بحار طيب يسرق ذهب زوجته الحبيبة ويشتري بها أرزا وطحينا لغزة، وفي الصباح بعد أن يكون قد باع كل ما جمع وخبأ كل مدخراته في صرة ينفخ شراعه ويخرج ليلتقي بأشرعة الإنسانية في بحره ميمما وجهه وروحه نحو غزة.
بحار يصرخ بالعربية القوية الفصيحة من مرفأ بلاده
"غزة العزة" أو "فلسطين حرة" بحار لفحت شمس الخليج القاسية وجهه، أو غسلته نسمات أي بحر عربي يسري فيه ملح الشهامة والنخوة والكرامة التي كنا نعلّمها للعالم ونصدرها للوجود.
بحّار يشبه أحرار العالم الذين ما روضهم القمع ولا أذلهم الجوع ولا أقعدهم الخوف.
أولئك الأحرار الذين ملأوا مرافئ العالم الحر أمام أعين الشاشات لنتفرج عليهم نحن العبيد ونتحسر، وندرك أن بلدان الحرية رغم جشع الحكومات وتحكمها في العالم تركت إنسانها يتنفس ليخرج طالبا وأستاذا وموظفا ومزارعا وصيادا وبحارا حرا؛ بينما بلدان القهر والقمع وضعت الأغلال في رأس المفكر وروح الشاعر وشراع البحار.
أريد أن أكون بحارا من هنا يشبه طفلا هناك ومجنونا هناك وجامعيا هناك وربة بيت هناك لأصرخ من هنا وليس من هناك غزة هي عزتنا الماثلة في وعينا ودمنا وليست عزتنا المفقودة.
يحدث هذا وأنا أتابع حراك أسطول الصمود الذي يتحرك من مرافئ العالم لفك الحصار عن الغزة فأحترق بدمعي وأضع يدي على قلبي وأصلي أن تحدث المعجزة.
تعليقات