التخطي إلى المحتوى الرئيسي
"سوف أكتب رغم كل شيء، سوف أكتب على أي حال، إنه كفاحي من أجل المحافظة على الذات" كافكا

فاطمة الشيدي

18_9_2025

وأنت تتأمل العالم المليء بالخوف والإهمال، والفوضى والعبث، العالم الممتلئ بالقسوة والكذب من السياسة للإعلام فالثقافة والتعليم وكل مجالات الحياة؛ تجد كل شيء متاحا المعرفة والمال والكماليات التافهة، وحده الحب الغائب في خضم اللهاث العبثي نحو الإنجاز.

فالفرد يريد أن ينجز، والمؤسسة تريد الإنجاز، والكل يرفع صوته ب "هأنا ذا وهذا ما أنجزت"؛ لذا أصبح كل شيء أسير الكذب الذي اتخذ أشكالا وألوانا متعددة _ الكذب من الأعلى للأسفل والعكس، الكذب الأصفرا لباهت  الذي يجعلنا نعيش في حياة تغشاها المنافسة العمياء والكذب الملون الذي يوهمك بأنك في أعلى درجات التشكل وأجمل غايات الحياة، ولكنك ماتلبث أن تكتشف خدعة اللون وأكذوبة الغش. فتذهب في تفكيرك باتجاه وحيد وهو أن العالم ينقصه الكثير من الحب.

وتدرك عميقا أن كل مايدينه الوعي من الهشاشة النفسية، والتفاهة المسيطرة على مفاصل الحياة، والرغبة الجامحة في الظهور كلها نتيجة لسبب واحد وهو غياب الحب.
لأن الحب هو حالة الاكتفاء ومساحة الاستغناء، إنه بذرة الخير وبؤرة النور في الأرواح، إنه المعنى الكبير للإنسانية، للعلاقة مع الرب والإنسان والكون.
وكل تخبطات الإنسان وأخطائه لأنه بلا معنى، أي بلا حب.
لو أشبع الطفل حبا لما كان هناك إجرام ، لما كان هناك انحرافات عن السواء، لو زُرع الرب حبا في النفوس لكان الإيمان طوق نجاة، لو جعل الحب طريقا لسلكه الجميع باتجاه واحد نحو الخير والسلام والسكينة.
إن صناعة الإنسان يجب أن ترتكز على دعامة أساسية ألا وهي تمكين الحب في النفوس.
فوحده الحب يجعل الإنسان تغشاه السكينة فلا يفتتن بالعبث ولا يلهث وراء الكذب بل يحيا متأملا لا تخدعه مظاهر القوة ولا يأخذه جنون الوقت.
وحده الحب يجعلك تعذر غير الأسوياء مما تصادفهم في دروب الكون الموحشة حين يخطئون في رؤيتهم للأشياء والكائنات وحين يتخذون القوة الخارجية منهجا والقسوة طريقا.
الحب الذي ينقص العالم كثيرا هو درب الإيمان ومفتاح النجاح ومبعث الهدوء والسكينة والسلام أمام قلق الحياة الوجودي وتحدياتها الكبيرة والكثير من القسوة والكذب.


تعليقات