فاطمة الشيدي
5_7_2025
السفر زمن مقتطع من أعمارنا، قطعة زمن نذيبها في مكان آحر لنستشعر حلاوتها بشكل مختلف؛ فيصبح زمنا جديدا، مختلفا.
زمن قليل في الوقت كثير في السرد المكاني واللذة المقتبسة منه.
زمن منتشل من الاعتيادية والسائدية، زمن خاص بمكان جديد وشخص جديد ينبثق منا ولكنه فعليا ليس نحن، شخص ملتبس بين كائن نحاول أن نتركه هناك في المكان الذي نحن منه والزمن الذي نحيا فيه، وآخر جديد نحاول أن نتلبس به حالة المكان الجديد ونعقد صلح معه بطقوسه وطعامه وجماله وقبحه ربما.
في السفر نتخلى أشياء أصيلة منا، عن عاداتنا، عن طقوسنا، عن روتين حيواتنا في الأكل واللبس، فنتحرك ضمن حالة جديدة مهما كان المكان قريبا أو بعيدا؛ نأكل المتاح ولا نأبه لكرمشة الملابس ولا ترتيب المكان.
في السفر نصبح شخصا آخر بطقوس أخرى؛ المتعة حسب المتاح، والترتيب قدر الممكن والملابس ضمن أناقة الحالة.
وهكذا ففي السفر لسنا نحن تماما، نحن أبناء المكان الجديد من جهة، وضيوف عليه من جهة أخرى، وربما بشكل أوضح نصبح أبناء الزمن الجديد المقتطع، لذا نناوره لنتحد مع مكانه الجديد، ونأخذ أجمل مافيه ونغض الطرف عن أسوا مافيه.
في السفر يقل التذمر وتكثر التأملات والمقارنات، فنستشعر حلاوة الجديد مهما كان مهملا ومعزولا في مكاننا الأول، ولا نسمح للملل أن يتسرب لأرواحنا فنطفئه بالجديد، كفكرة مدهشة أو حالة غريبة، ونتهيأ في كل صباح للدهشة وللجمال مهما بدا شحيحا.
في السفر نجعل الزمن الخاص بنا فضفاضا وعامرا بالتجريب، ومشحونا بلذة خاصة نبحث عنها بين الأمكنة في كل مرة.
ولذا السفر حركة لولوبية في الزمن لإعادة تشكيلنا في كل مكان بزاوية جديدة وربما بلون ورائحة جديدين. ولذا تحديدا نسافر أو لذا يعشق المتأملون السفر .

تعليقات