24_7_2025
الركض حافيا في ممرات الحياة وبين صفحات الكتب هو ما أتقتنه منذ البدء، تارة كانت خائفة وتارة سعيدة، وتارة حزينة ولكنها في كل مرة تركض أكثر، لم تركن إلى مكان ما، في كل كتاب حكمة ورغبة في التغيير ولكنها لا تتغير تعود بعد انفجار شرايينها بالفكرة الجديدة كهوس ضاغط، تعود لما كانت عليه، تلبد تحت جلدها مجددا (هذا ما أريد) سأركض مجدد وأسقط مجددا وأسكن للسقوط والركض معا.
ركضت من رمل البحر إلى ماء الساقية ومن حواري السور إلى شوارع مسقط ومن قدمين حافيتين إلى أحضان كرسي السيارة إلى أنهار العالم ومرافئه وأنهاره.
تركض على آلة المشي وعلى شاطئ البحر وهي تطبخ حلوى صحية وهي تزرع شتلة جديدة وبين ركض وآخر تقرأ قصيدة بصوت عال أمام قط مشرد أو حمامة فاختة.
تركض بين حشائش الأرض ورمال البحر تركض في خيالها وهي تعانق صوت فيروز أو خالد الشيخ أو أنغام تركض وهي تشرح رواية أو قصيدة لطلابها في تجلٍ لايشبه فكرة التعليم أو سمت المعلمين.
تركض في هدوئها وصخبها وحنينها وقلقها، في أرقها وكوابيسها، في نصوصها وقراءاتها
اليوم قررت أن تهدأ قليلا؛ أن تربت على رأس تلك الفتاة الصغيرة التي كانتها وتحضن المرأة التي لا تشبهها في المرايا وهي تضع السبابة على شفتيها وتقول "اشششش" هذا زمن الصمت، زمن الكلام القليل والفعل الناضج بالسكينة، زمن الزهد في اللهاث، والتعالي على الصدع، ولأم الانكسارات.
زمن تنقيح مخطوطة الروح في مسوداتها الكثيرة، ولملمة تشظيات المرايا، زمن الركون للرب في عليائه، والأخذ بمسببات الحياة والأمان.
هذا زمن زم الشفة عما لا نريد، لا مكان بعد الآن إلا للأسئلة التي تؤججها الأسفار والأفلام والكتب، لامكان إلا للأحضان الدافئة المعبأة بالملح والسلام، لامجال لشرح أو تشريح إلا ضمن اللغة فكل ما ذهب سقط في بئر الكلام العميق، كل ماكان تبخر كقطرة ماء سقط من فم عجوز أدرد أو طفل غض.
لامجال إلا للحكايات وريثة الحكمة والمقاومة باللغة، وللقصائد وريثة العذوبة ودثارات المحبة الناحتة، لا مجال إلا للغناء على أرصفة الكون الباذخ الرؤى بأشجاره ونواصيه.
فقد ذهب العمر الأول وهذا عهد جديد.

تعليقات