فاطمة الشيدي
26_6_2025
أجمل مايحدث للمرء في إجازة قصيرة أو طويلة هو التمتع بالكسل الرفيع، الكسل الذي أغنته الفلسفة بأطروحاتها المدهشة والغريبة على الوعي الإنساني العام والتصديرات الفكرية الجاهزة للجدية والاجتهاد للوصول.
الكسل الذي تناوله أشهر الفلاسفة بالدرس والتحليل من أمثال: دايوجينيز ونيتشه وبيرتراند رسل وفيلسوف الكسل ألبير قصيري وغيرهم.
الكسل الذي يعني تفرغ العقل للتأمل والإصغاء، للصمت والبطء، للإعادة والتمهل في تناول فكرة ما بعيدا عن ضغوطات الحياة، أو لقراءة منتج إبداعي بطريقة تحفره في ذاتك، أو كتابة نص يجترح الوجود بالحضور الراسخ ببطء وروية.
إنه كسل الرفاهية الفكرية والراحة النفسية.
الكسل الذي يمنحك فرصة التخلى عن العالم الخارجي، وتجاهل جنونه المرعب، ومسرحياته الهزلية وتقلباته العبثية، وموازين قواه الجبارة وأيدلوجياته القاتلة والركون للذات الحرة المتحررة من فكرة اللهاث والركض للوصول، أو اللحاق بما لاتعرف بكل أوتيت من قوة وإمكانيات.
الكسل الذي يعني التحرر من عالم يصادرك لصالحه ويختصر كل مساحاتك الخاصة في خضمه، لتنجو به (أي الكسل) بأكبر قدر من الهدوء والسكينة وتقليب الأفكار والقراءة (للكتب والحياة والذات والآخر) بعمق وتأنٍ يسمح لك بتغيير الفكرة مرة بعد أخرى بعد تأملها ومناورتها من جميع حوافها الجارحة وغير المقبولة فكريا أو اجتماعيا .
الكسل الرحيب، الذي يأخذك للتمدد في اللاشيء في محاولة لفهم العالم وإعادة قراءته ومحاورته، أو قراءة النص بعمق لفهمه وإعادة إنتاجه بشكل خاص مرة أو أكثر.
الكسل العذب؛ باعث الكتابة وفضاؤها الذي يمنحك الوقت لفهم الذات وإعادة إنتاجها بشكل متجدد في كل نص، وضمن كل ظرف إنساني خاص بك أو ضمن عالم متجدد بمعانيه.
إنه الكسل الجميل الذي يحفز أجمل ما يبهج الروح الحرة في فراغها الحر ما مهما كانت الخيارات المتاحة خارجه ثرية وغنية أو مرعبة ومخيفة.
فالمجد للكسل المجتهد في دعته، والمنتج في صمته، والغني في ذاته.

تعليقات