فاطمة الشيدي
22_6_2025
أمي لاتقول مع السلامة أو إلى اللقاء كما يفعل بعض البشر في هذا الزمن .
أمي تقول دائما "في أمان الله" حين تلوّح لأبنائها في ذهابهم أو لجاراتها عند انقضاء زيارتهن لها، تردد ذلك منذ أن كانت في عنفوان صحتها وفي مرضها الآني.
اليوم ونحن نتحدث معها عن الحرب وما يدور حولنا من جنون الوقت وأن اسرائيل تقصف إيران، وإيران ترد بقوة، والعرب ينقسمون؛ يشتمون ويُشتمون مع أنهم لاناقة لهم ولاجمل؛ تهمس وهي تبتسم
نحن في أمان الله، ثم تنظر للتلفاز الذي لا يغلق أمامها على قناة (عُمان) وتقول: فلسطين فرِحَة ونحن فرحون، وعدو عدوي هو صديقي فالله معنا!
أمي تحب الله وهي متدينة كالجميع .
أفكر أن الدين شماعة الجميع، وقد يسحق الجميع، ويسرق الجميع ويربك الجميع، وقد لا ينقذ الجميع فالآن الجميع خائفون
صغارا وكبارا من يظهر تأييدا، ومن يظهر انتماء!
أمي لا تفند الأمر فقد تبتسم بإيمان مطلق وتهمس نحن في أمان الله.
تبدو الكلمة مشحونة بالسلام والرحمة مهما كانت النهاية وتصل لأعمق نقطة في قلب مستمعها.
نلعن أمامها التوحش الغربي وأقنعته التي طارت فجأة والتي طالما قنّع بها وجهه القبيح بأفكار الحرية وحقوق الإنسان.
وتردد "لنا رب اسمه الكريم"
أتشرب سكينتها بلذة وأنا أقول ما أجمل هذا الإيمان العظيم الذي لو واجه قلق العالم وجبروته لاحتواه!
أستحضر إيمان أهل غزة العظيم، ذلك التسليم المطلق للرب الذي لا يستطيعه إلا الراسخون في الإيمان.
الإيمان الذي يمثل الأمان والحب معا، ذلك المستوى الرفيع من التسليم والركون للمحبوب، ذلك التشبث غير المعلن ولكن راسخ في النفس كثوابت الجبال، ذلك السكون الذي لايقلقه شيء مهما عظم وتعالى وبطش.
اللهم أمانا وإيمانا كإيمان هذه القلوب الخضراء لكل ما يحدث الآن، ولكل من يعيش تحت تداعيات هذا الجنون والرعونة التي وصل إليها الإنسان بعنجهيته وتفاهته.
تعليقات