فاطمة الشيدي
1_5_2025
أحب القرّاء الحقيقيين، بغموضهم اللذيذ، ببعدهم عن الأضواء.. أراقبهم في المعرض وهم يهرعون للكتب ينتقونها بعناية كما ينتقون الفواكه الموسمية لأطفالهم، أتخيلهم وهم يشترونها يمصمصون شفاههم أو يفركون أياديهم في انتظار الوقت الذي يسرقون فيه أنفسهم من ضجيج الحياة والبشر للاختلاء بها.
قراء عاديون بسطاء في مظهرهم ولكنهم ناصعون في المعنى مذهلون في البعد الجمالى للقراءة، شغوفون بالكتب تجدهم في كل ممر وزاوية ودار ينقبون بصمت ويحملون أكياسا كبيرة من الحصاد المعرفي السنوي.
تعرفهم من ذهولهم عن البشر وانشغالهم بالبحث، هؤلاء هم من يدركون قيمة القراءة ولذتها، هؤلاء هم المهووسون بالحقيقة والجمال كما هم مهووسون بالحب، لا يتباهون بالقراءة في المقاهي الراقية أو أو بوضع الكتاب بالقرب من القهوة أو مصاحبا للأغنية (الترند).
إنهم يقرأون سرا في أسرتهم، وفي الحمام وفي المطبخ أحيانا أو المستشفيات لمرافقة حبيب أو حتى لانتظار الدور للحصول على دواء الضغط أو السكر .
يحبون الكتاب أكثر مما يحبون كاتبه، لايسعون للبحث عن الكاتب كي يوقع لهم، علاقتهم بالكتاب علاقة سرية ويجب أن يحتاطوا جيدا قبل الجلوس إلى الكتب كي لايقبض عليهم متلبسين بإثم العشق، أما الكاتب فهو أب المعشوقة أو أمها وعادة هم يراقبون تلك الكتب بمحبة قاسية.
المجد لكم يا أصدقاء الكتب، أيها العشاق الذين لاتصورون مقنياتكم من معارض الكتب أو من المكتبات لأنكم تغارون على حبيباتكم (وكل عاشق غيور)، أو تخجلون من إظهار المحبة (وكل واع خجول)، ولكنكم تزرعون شجرة الوعي في رؤوسكم كي تطاول عنان السماء وعندها تقطفون نجمة الفرح بفعل خاص وحميم ونشوة لذائذية.
وأحيانا بعد انتهاء فعل القراءة العظيم تهبون الجمع صورة لكتاب عظيم من باب الدال على الحب كفاعله.
#تأملات
#معرض_الكتاب
تعليقات