التخطي إلى المحتوى الرئيسي
"سوف أكتب رغم كل شيء، سوف أكتب على أي حال، إنه كفاحي من أجل المحافظة على الذات" كافكا
فاطمة الشيدي
٢٨ فبراير ٢٠١٩ 




٢٥ فبراير ٢٠١٩


كان معرض الكتاب هو الحدث الأبرز في هذه الفترة، وكان "أثر" حمد الخروصي هو الكتاب الأهم _من وجهة نظري_ في هذا المعرض، وفيما اقتنيت من كتب تبدو قليلة مقارنة بما كنت أشتري عندما كنت مهووسة بتكديسها. شعرت وأنا في دار "مسعى" ناشرة الكتاب أن حمد الخروصي كان هناك يمشي بيننا، بينما كان العالم يتتبع أثره، وأن روحه كانت تتسلل عبر مسامات الهواء وتتحرك لتسمعنا وترانا وتبتسم. شعرت أنه غير آبه لكل ذلك الصخب، ولا يعنيه ولا يشغله ما يشغلنا. ولكنه ربما يحن للمسة حب وكلمة حنان أكثر من هذا الهراء،كنت أريد ان أخبره أننا كذلك أيضا، لكننا كاذبون، ومزيفون وأننا كأوراق الخريف الصفراء تسقط حين يحاصرها الجفاف، وأننا نحب الموتى في الغياب لأننا لا نتقن أن نحبهم في الحضور.
 بالطبع تابعت زخم فعاليات معرض مسسقط للكتاب، وفرح الحضور الجمعي باهتمام، وكنت أقرأ الحالة العامة بتقارب حميم ولكن من مسافة ما هذه المرة أو منذ زمن ما، فقد فقدت خاصية الانجذاب للبريق اللامع، كما أصبحت زاهدة في الكثافة اللزجة للحالة العامة بكذبها وبهرجتها الزائفة (وهذا شيء يخص المرء وحده) مع أنني أعرف أن هناك كثر يشاركونني ذلك، كما أنني لا أعتزل قطعيا بل انتقائيا فالجمال الحقيقي يفرض نفسه، ويجبرك على المثول بين يديه. وبين يدي معرض الكتاب توخزني هذه الأسئلة . مع تزايد الزخم المعرفي التقني وسرعة الانترنت الضوئية، هل ما زال الكتاب الورقي يشكل حضورا حقيقيا مفيدا؟ وهل في زمن الانترنت مازال القارئ مضطرا للذهاب لمعرض الكتاب، أو للمكتبات؟ وهل الكاتب مازال فارقا ومهما للجماهير كي يقيم حفلات توقيع وهمية يحضرها أصدقاؤه ومعارفة ويصدق هو نفسه؟ وهل دور النشر التي _تسرق الكاتب_ تهدف لنشر المعرفة فعلا أم للربح الشخصي فقط، فلماذا على القارئ أن يمد يده لمساعدتها؟ أليس الكتاب الإلكتروني أسهل وأرخص خاصة لأصحاب الجيوب المثقوبة والحاجات الملحة أكثر من الكتاب؟ وكل مافي الأمر أننا نخاف الجديد ونتشبث بالقديم ونلبس مرض "النوستالجيا" صيغا ثقافية وفكرية !! هل كل من يذهب للمعرض يذهب لشراء الكتب، أم لتسجيل حضور وهمي والتباهي بفعل الحضور ؟ هل نقرأ كل ما نشتري من معرض الكتاب؟ وهل نشتري لنقرأ فعلا أم لنتباهى ونكدس؟ لا أعرف الإجابات بالطبع، المهم أنني اشتريت القليل من الكتب خاصة كتب الأصدقاء وبعض الكتب القيمة، وكنت أذهب في أزمنة الصمت بعيدا عن للضجيج والصداقات واللمعان اللامع والشعاع الساطع.




فاطمة الشيدي
١٠ فيراير ٢٠١٩




ما أن تشاهد  فيلم Tow Lovers الذي يعالج فكرة بحث البطل عن الحب الحقيقي - بعد أن فقده لأسباب واهية-  ليدرأ عن نفسه شبح الاكتئاب الذي كاد أن يوصله للموت انتحارا بالغرق عدة مرات؛ حتى تستيقن أن الحب هو كل ما يحتاجه الإنسان ليستمر لزمن أكثر وأجمل، الحب الذي هو الصدق خارج كل الادعاءات المريضة والعلاقات الواهية التي قد تتلاشى في أسرع وقت، والكذبات التي يعيش فيها أصحابها متوهمين وواهمين.
والصدق هو معيار الحب الحقيقي، الصدق الذي يجعلك تثق بالحياة وبالبشر من حولك. تثق بأن ثمة من يحبك بلا مقابل، بتلك اليد التي ستتوكأ عليها مع أي انزلاق أو وهن، وبغياب تلك اليد فالحياة لا تستحق أن تحيا أصلا. فالحب الصادق هو مبرر الحياة وعلاج الروح العليلة بالحزن واللاجدو، فهو الجدوى الحقيقية للحياة، والوجود في مقابل العدم.



فاطمة الشيدي
٥ فبراير ٢٠١٩ 

"تجلس على حافة العالم وأنا في بحيرة بركانية"، "تبدأ المسئولية في الحلم". هكذا أنهي رواية "كافكا على الشاطئ" لهاروكي موراكامي، التي ليس لها من "كافكا" سوى العنوان، واسم بطلها الطفل ذي الخمسة عشر ربيعا، كافكا تامورا الصبي الذي هرب من نبوءة والده النحات بأن يقتله ويزني بأمه وأخته، فيهرب بعيدا نحو المكتبة. وناكاتا العجوز الذي فقد ذاكرته طفلا في الحرب، كما فقد الذكاء والقدرة على القراءة والكتابة وظله ليجد تعويضا ما في إجادة لغة القطط.
تدرك أنك أمام رواية غرائبية تستوحذ عليك بكلك وتؤكد يقينك بأن السرد العظيم هو الذي يحمل روح الشعر والفلسفة والتاريخ، ولكنك إذ تنتهي تدرك أن الفنتازيا السردية لعبة لا تروقك كثيرا،  وأن الواقع بكل مرارته أجمل بكثير منها.
موركامي الذي صنع روايته "بتقنية سردية عالية جدا"، عبر خطين سرديين متوازيين، وهما الشيخ العجوز  "ناكاتا" والطفل "كافكا" يريد أن يقول لك أن العالم لغز كبير من يستطيع حله يموت، وأنه ليس عليك محاولة فهم كل شيء فالعالم ملئ بالألغاز.