فاطمة الشيدي
لا أعرف عنها أكثر مما يعرفه الجميع، لقد ولدتْ على حواف الماء بين ملح أجاج،
وعذب وفرات، في الضلع الجنوبي الشرقي من شبه الجزيرة العربية «مجان النحاس، ومزون
الماء، وعُمان الإنسان»، حيث التاريخ يفترش أضابيره وأوراقه ليحكي تاريخ الماء
والحروب والغزاة وتبدل الأحوال بين زمن وزمن في اليسر والعسر، وفي الغنى والفقر،
وفي الظلم والعدل. وفي قرية يعتاش أهلها على حصاد النخل، وفيض البحر، وحنانات
الرمل، وحنو الإنسان كالشجر على كل شيء بأمان وسلام، وعلى الرغم من قلة معطيات
الحياة، كانت الصرخة الأولى. ولتبدأ الخطوات الواهنة المشي في طريق سيقدَّر له
الامتداد في الحياة والدرس والألم والفرح، لتختار في بدايات مبكرة طريقة لدرء
الأشواك، وإقصاء الوجع، وهي الكتابة. وستبدأ بها على مقاعد الدرس الأولى، وستمتد
حتى تستقبل هي وجوه الجالسين على مقاعد الدرس في الجامعة، لتقدِّم لها العلم
واللغة والأدب.
وما تزال تحاول الكتابة، وتحاور اللغة
في كل مستوياتها الأدبية سرداً وشعراً ونقداً. وتطلق للنص العنان ليتشكل كيفما يريد،
وعبر كثافة لغوية تتعدد مدلولاتها وأشكالها وأحلامها، وعبر أمسيات شعرية ونقدية
تطير بها على أجنحة سماوات جديدة كل فينة وأخرى بين مسقط، وأبوظبي، والمنامة،
وعمَّان، والجزائر، وسيت، وغيرها، وعبر نصوص، وكتابات وحوارات ومقالات في غير مجلة
عربية، وملحق ثقافي في معظم أقطار الوطن الكبير الذي يوجعها أبداً من الماء إلى
الماء. تكتب عن الإنسان، وعن الوجع، وعن الحلم في غد يكون فيه الكون
أجمل، والدم المسفوح أقل.
.
تعليقات