التخطي إلى المحتوى الرئيسي
"سوف أكتب رغم كل شيء، سوف أكتب على أي حال، إنه كفاحي من أجل المحافظة على الذات" كافكا




فاطمة الشيدي
31- 1 -2014

الليلة غادر يناير (كانون الثاني)
كان حزينا وباردا وهو يخرج من العام بهدوء وخفة على أطراف أصابعه
دون أن يغلق الباب بقوة كي لا يسمعه أحد
بدا كلص لم يجد شيئا يسرقه وهو يخرج
أو كمراهق وجد الباب مواربا في هروبه من البيت
فخرج بحذر كي لا يوقظ أمه المرهقة من يوم طويل
خرج مثقلا بالضياع والخسارة
فهو هذا العام
لم يسهر مع البدو خارج خيامهم عند مواقد الجمر والقهوة
ولم يرقص مع الغجر رقصتهم الخرافية كما كل عام...
ولم يجالس عاشقين عند المدفئة ليلتذ بأغنيتهما المفضلة
ولم ينادم شاعرا حالما لا يفتأ ينفث دخان سيجارته الكوبية كما ينفث الكلمات من صدره المصدور
ولا سهر مع أرملة حسناء تحتضن قطتها وتسرح في ذكرياتها وبين يديها كوب قهوة كبير؛ ليمسح دموعها بمناديل الحياة واﻷمل
ولم يشتعل مع اللبان في بيت العائلة المؤمنة بالخرافات والسحر كل مساء ليتصاعد مع اﻷحاديث الحميمة
فهو مذ جاء كان مهموما كيف سيستقبل الموتى والعراة كل هذا البرد
وكان مشغولا بعد الجثث التي تركض خلفه
وبالاعتذار لها بكل المبررات الجاهزة
وها يغادر منكسا رأسه خجلا، خلسه منها ومن الكون
دون أن يلوح بسخاء وحميمية كما يليق بشهر اﻷعياد والبدايات
تاركا إرثه الكبير من العار والخزي لشهر الحب
الذي بات الليلة يرتجف في حضن أمه خوفا وخجلا
قبل أن يستقبل العالم أول أيامه غدا
بلا حب وربما بالمزيد من الموت!


 

تعليقات

وهل ذهاب يناير 2014 مثل يناير2022!
وهل ذهاب يناير 2014 مثل يناير2022!