التخطي إلى المحتوى الرئيسي
"سوف أكتب رغم كل شيء، سوف أكتب على أي حال، إنه كفاحي من أجل المحافظة على الذات" كافكا

حول الرواية العمانية

استطلاع : رحمة الصوافي

- هل هنالك إنتاج روائي عٌماني حقيقي أم هي محاولات سردية لا يمكن تصنيفها إلى روايات؟؟نعم هناك نتاجات روائية جيدة، وهي في سبيلها لتشكل تراكما معقولا مقارنة بالبدايات والوضع الثقافي في عمان، الرواية ليست قصة ولا قصيدة تكتب في ساعة أو يوم، إنها تحتاج للوقت الحقيقي لكتابة التاريخ والأحداث السياسية والاجتماعية، تحتاج لتصوير معاناة الإنسان الصادقة، تحتاج لأن يلتحم كاتبها بالأرض والإنسان، الرواية تكتب من الداخل حيث الوجع تماما لا من الخارج اللامع أو الهش والسطحي هذه لا تشكل أحداثا روائية، كما يحتاج الروائي للوقت والتراكم والهدوء والتريث لسبر أغوار الوجود والحياة والمزاوجة بين كل المعطيات الكونية، الخارجية والداخلية، ولهذا يحتاج للزمن والفكرة والفراغ ليكتب بحضور مكثف وعميق، وربما الوقت ليس متاحا للكثير من الكتاب إذا لم يكن غير متاح لهم جميعا

- يقال بأن الإنتاج العُماني في هذا المجال هو إنتاج بسيط في عدده، ضعيف في بنيته السردية والكثير من الكتاب العُمانين حاولوا سبر أغوار الرواية وما لبثوا أن توقفوا بعدها .. ماهي الأسباب في نظركم؟؟ وماهي العواقب التي ستؤثر حتما على المشهد الأدبي العماني؟؟أنا لا أوافق على ما قيل، لأفترض الأسباب، أظن أن المسألة برمتها مسألة وقت، وأن زمن الرواية الذي يمتد من الغرب للشرق هو أيضا زمن الرواية في عُمان، ولكن هذا لا ينفي طبعا أن هناك معوقات كثيرة للكتابة بشكل عام في عمان، لأن كل المحاولات فردية وبسيطة ومحفوفة بالصعوبات والضيق، من وقت الكتابة حتى النشر حتى موضوعات الكتابة ذاتها التي قد تزعج الرقيب، ولا يد تمتد للكاتب الحقيقي لتشجعه، هذا إذا لم تمتد لتقصيه أو تخنقه، والرواية تحتاج الكثير، إنها اللعبة السردية الأخطر، تحتاج المتنفس الأكبر، والوقت الكثير، والتشجيع المؤسسي المفقود، وهي أيضا تحتاج مؤازرة اجتماعية كبيرة بقراءة ما يكتب وتشجيعه، والاحتفاء به، تحتاج أقلام النقاد للكتابة عما كتب، إننا نحتاج صناعة مشهد ثقافي حقيقي ومتزن، خارج فكرة رسمنة الثقافة، وسد فراغ الفعاليات يوما بيوم وحالة بحالة، نحتاج مشهد نقي وحقيقي، لا يعتمد الإقصاء، ولا يقوم على صناعة نجوم ورقية فقط، نحتاج أن يشعر الكاتب أنه ينتمي لمجتمعه ولوسطه الثقافي الصحيح والعميق، نحتاج أن نكسر المنصات والرسميات لنجلس على حواف العالم والحياة والفكرة، لنستشعر جماليات الأشياء الحقيقية بقرب، فحين نستشعر قرب الحياة والصدق نستشعر عظمة الكتابة وقيمتها، نحتاج أن نسهم جميعا في صناعة المشهد الثقافي وكتابة التاريخ، والرواية।

- أين تصنفون الرواية العمانية من الأدب العربي؟فكرة التصنيف والتحديد فكرة لا تليق بالأدب عموما، ومع هذا فالرواية العمانية ذاهبة لهذا الحضور المعلن عن نفسه بقوة وصدق وحقيقية ولكن ربما ببطء، وهدوء، وحذر أحيانا، الكاتب العماني لا يزال وليد الصدفة، ووليد الحظ والاجتهادات الذاتية، ولا يزال منحازا للكثير من الخيارات البسيطة، لأنه لا يملك الكثير منها على كل حال، ولكن الأمر في القرية الكونية لن يستمر هكذا، فالعالم الذي يضيق يتسع أيضا، والكاتب أصبح يجد متنفسه في الضوء والحضور الافتراضي، ولذا هناك روايات وقعت على الحضور بالكثير من التميز، والبدايات المتعثرة ليس بالضرورة أن تفرز نهايات كسيحة، بل قد تفرز الكثير من العمق والتحليق، وهذا ما أتمناه للرواية العمانية।

- ماهو المطلوب من الكاتب العماني ومن القارئ العماني لدعم الرواية العمانية لتصبح ناضجة فنيا؟؟لاشيء، فقط ليقرأ المجتمع والإنسان، وليقرأ داخله المشع بالجمال والخير، وليكتب من تلك المناطق المأهولة بالحيرة والقلق والوجع والفقر والوهن والضعف والألم، عليه أن يتأمل الداخلي والجوهري والعميق من الإنسان خارج كل شيء، خارج زيف البريق، والأصوات العالية، خارج إطار الصورة المعلن، ليكتب من التاريخ إن شاء، ومن المجتمع إن شاء، وعلى القراء والكتاب مؤازرة بعضهم بمحبة، لنكسر الأطر والمنصات والتهميشات، لنقترب من الدهشة فقط، من الكتابة الحقيقية القائمة على التأمل والقراءة والوعي خارج رسمنة الفعل التي تعمل على صناعة سلالم ودرجات وهمية وإقصاء البعض، وتقليص المساحات الخاصة والفردية العميقة، يجب على الكتّاب والقراء إعلاء قيمة الكتابة والثقافة في داخلهم حتى يقنعوا الجميع بأنها هي التي تصنع التاريخ المجيد للأمم والحضارات।

- كيف تنظرون إلى مستقبل الرواية العمانية وهل هي في خطر حقيقي؟؟
إنها تسير نحو المستقبل بهدوء، المستقبل الذي هو للتدوين وللتاريخ وللحياة وللإنسان، الرواية هي عصب التاريخ في هذا العصر، لأنها التدوين المجتمعي والإنساني الذي لا يجب أن تغفله الكتابة والرواية تحديدا، فالإنسان والمكان والزمان هم أبطال الرواية، والرواية العمانية لديها الكثير لتكتبه، لا يزال الطريق طويلا، ولا تزال الجهات التي تقع بعد الرابعة بعيدة عن التناول بل وقد تكون مجهولة ومحظورة أيضا، لا يزال هناك الكثير من المعوقات ولكننا "محكومون بالأمل".

تعليقات

‏قال غير معرف…
أوافق على رأيك بأن الرواية العمانية في تقدم وازدهار...
ولكن هناك معوقات تعيق الكاتب أو الراوي فمثلا أنا أنهيت مؤخرا من كتابة رواية وأرغب في نشرها ولكن كيف أنشرها في عمان طبعا سأذهب إلى وزارة التراث والثقافة وانتظر ردهم وموافقتهم وألا أخفي عليك بأن الوزارة تقوم بأعمالها أولا بأول أي إن هناك تقصير منهم وكذلم مع إن الوزارة مسئولةعن نشر الكتب وتقديم تراخيص نشرها يجب ألا أبعد الشك بأنهم سيتحكمون في الرواية سيحذفون ما يريدون حذفها وهنا إذن هنا تم التلاعب بالرواية...
والسفر إلى دول عربية للنشر أمر غير مقبول من بالنسبة إلي...

حتى يتقدم الرواية العمانية إلى الأمام يجب أن لا تتدخل الوزارة في هذا المجال وتكون حال الروايات كحال الروايات العربية...
هنا سنشاهد التقدم والازدهار في الروايات العمانية...

شكرا.....